تأثير ثقافة المجتمع على انتشار ظاهرة الانتحار وكيف يشكل الرأي العام والمعتقدات الاجتماعية توجهات الأفراد نحو الانتحار؟ - قصاصة رقم (15) في مشروع كتاب كيف ينتحرون للباحث في التربية وعلم النفس – فريد حسن

يستعرض المقال دور الدين في تشكيل هذا الرأي، حيث يعبر الأشخاص المتمسكون بدينهم عن آراء تدين وتحرم فعل الانتحار.

تأثير ثقافة المجتمع على انتشار ظاهرة الانتحار وكيف يشكل الرأي العام والمعتقدات الاجتماعية توجهات الأفراد نحو الانتحار؟

رأي المجتمع وثقافته تجاه الانتحار :

إن نظرة المجتمع إلى جريمة الانتحار لها دور لا يستهان به في تكوين فكرة لدى الشخص عن الانتحار!
فمن خلال تقييم حادثة وقعت في مكان ما - ورأي الأسرة , والأقرباء وحرارته وشجبه أو السكوت عنه أو التحدث عن سلبية ما قام به المنتحر – إضافة إلى ما ذكرناه عند حديثنا عن الدين إذا كان الأهل متمسكين بدينهم فسوف يبدون آراء تدين وتحرم فعل هذا المجرم - وما سيلقاه من عقاب في الآخرة – وقد يضيفون تعليقات تسخف الفعل الذي قام به والذي يدل على نقص في العقل والإرادة ومخالفة صريحة لتعاليم الدين!

وهذا يُكَوِّن عند الطفل ثم المراهق والشاب نمطاً من التفكير يزدري الانتحار والمنتحرين - ولا يفكر فيه عند كل أزمة صعبة يمر بها - بل يجهد نفسه في مجابهة الصعاب والتغلب عليها – وبدلا من الهروب أمام المشاكل والصعاب يقوم بالصمود أمامها والتغلب عليها , بل يفتخر أنه برجولته وشجاعته وصبره تغلب على كل الضغوط والصعاب وانتصر عليها فيفتخر بها كما فعل غيره من الرجال الشجعان ذوي الإرادة القوية.

وفي العادة تكون تلك المجتمعات أصلا قليلة حوادث الانتحار إذا ما قورنت بمجتمعات أخرى – كما لا ينتحر فيها العقلاء والمفكرون ورجالات المجتمع المرموقون - وهكذا تكون كل الأبواب موصدة أمام أفراد ذاك المجتمع تجاه الانتحار عدا قلة نادرة يكون لها وضع صحي أو عقلي مريض يجعل الشخص غير آبه بالمجتمع وما تَشَرَّبَه منه!

أما المجتمع الآخر الذي ينظر إلى الانتحار شجاعة ورجولة فيمدح المنتحر بأنه قام بفعله إثباتا لرفضه لما وقع فيه من فشل وعلى الغالب يكون ذاك المجتمع غير مبال بالدين في عاداته وتقاليده حتى في أخلاقياته.

عندها كلما وقع البعض في الأزمات والمواقف الصعبة وخاصة عندما يكون أصحاب الأزمات يعانون من أوضاع صحية عصبية أو نفسية سيئة – أو عندما تكون بعض القدرات العقلية تعاني من خلل في بعض وظائف العقل كالمحاكمة والتحليل والتركيب عندها لا يجد الشخص أمامه إلا القيام بتلك( المواقف الرجولية الشجاعة كما يراها ذاك المجتمع )التي طالما امتدحها المجتمع وقال عن القائمين بها أنهم رجال شجعان لا يهابون الموت فينتحرون وتطوى صفحاتهم!


وإلى لقاء في قصاصة قادمة بإذن الله –دمتم للباحث في التربية وعلم النفس– فريد حسن


 

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *