تأثير الوضع الاجتماعي على ميول الانتحار وكيف يؤثر المجتمع على قرارات الأفراد؟ - قصاصة رقم (13) في مشروع كتاب كيف ينتحرون للباحث في التربية وعلم النفس – فريد حسن

يستعرض المقال كيفية تأثير المجتمع على حياة الفرد، بدءاً من المظاهر المادية والاجتماعية مثل اللباس، والممتلكات، والعلاقات الاجتماعية، وحتى القيم

تأثير الوضع الاجتماعي على ميول الانتحار وكيف يؤثر المجتمع على قرارات الأفراد؟

سابعاً : الوضع الاجتماعي للشخص :

إن للمجتمع تأثيراً كبيراً في حياة كل الناس فالإنسان يلبس من أجل المجتمع – ويتزين من أجل المجتمع – ويبدع ويخترع ويتباهى بزواجه وابنة من تزوج , وما أنفق على زواجه , ومن أين أحضر ثوب العروس - ونوع سيارته, وموديلها, والشركة الصانعة لها – وفي أي الأحياء يسكن , وكم غرفة يحتوي مسكنه – ومن أين اشترى المفروشات , وما يميز البيت من تحف وغرائب ومكتبة وعدد كتبها ونوعياتهم ………….الخ – ولباس زوجته وأولاده أسعاره ومن أين اشْتُريَ – طعامه – عدد خدمه – مدارس أولاده – المدرسون الخصوصيين – ممتلكاته مزارعه – مصانعه – شركاته – أمواله في البنوك – كرمه – أو عكس ذلك – شجاعته أو عكسها – أمانته أم لا – صدقه أم لا – شرفه – رجولته – شهامته – التزامه بالدين وقيامه بواجباته الدينية – تقربه من كبار شخصيات المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية والعلمية والأدبية والفنية والرياضية وما ينفق في هذه المجالات.

كل هذا وغيره مما يمكن أنني نسيت ذكره هو من أجل أن يتميز الإنسان عن غيره من الناس – ومن أجل ذلك يتعب الناس ويشقون – ومنهم من يصل إلى مراتب ونجاحات وإمكانيات كبيرة ومنهم من يفشل – ويتفاوت الناس من حيث الطموح والرغبة في الوصول إلى القمة في كل شيء – ومنهم من ينجح ويتفوق – ومنهم من يفشل – ومنهم من لا يأبه أصلاً إلى دخول مضمار السبق فيما ذكرنا من أمور – ومنهم من يعلن استسلامه أصلا والرضى بأقل الحاجات التي تكفيه طعامه وشرابه وسكنه ولباسه الذي يستره – ومنهم من يبقى متطفلا يستند إلى مساعدات الغير له.

هذه المقدمة كانت ضرورية لمعرفة كيف يؤثر الوضع الاجتماعي في جريمة الانتحار : حيث تتفاعل قناعة الشخص – وإمكاناته – مع واقعه – ومع كبر النفس أو تواضعها – والظروف الموضوعية التي تتوفر في مكان تواجده!

وكلما كان الشخص راضياً بما كتب له من إمكانات بدءا من جسمه وعقله وأسرته وماله ومواهبه , كلما كان متصالحاً مع نفسه وكلما بَعُدَ عنه التفكير مرة في الانتحار.

بينما لو كان رافضاً للكثير مما وهبه الله وكان معتبراً أن الله لا يحبه ولم يعطه كما يعطي الآخرين من أشياء – كلما كان حسودا غيورا يموت غيظا من انتصارات الآخرين ونجاحاتهم – كلما كان تربة خصبة للانتحار!

ومن جهة أخرى فإن كون الشخص اجتماعياً يتمتع بعلاقات متنوعة متينة مع أشخاص كثر – يتبادل معهم الزيارات والرحلات والولائم والهدايا والتواصل الهاتفي والتواصل الافتراضي – كلما استطاع أن يجابه الصعاب ويتحداها ويستشير أصدقاءه كلٌ في مجال معرفته لمساعدته في مجابهة المصاعب التي يعاني منها – وفي الغالب ينجح مع مساعدة أصدقائه وأقربائه في مواجهة الصعاب!

بينما الشخص المنكمش اجتماعياً والذي ليس له علاقات اجتماعية يجابه بها الصعاب التي تواجهه منفرداً قد يتغلب على بعضها – أو على الكثير منها - لكنه يعجز أمام غيرها التي لا تؤهله إمكاناته وقدراته على مجابهتها – وهكذا يكون عرضة لرفع الراية البيضاء حيث يصبح معرضا للاستسلام ليكون معرضاً للهرب إلى الحل الذي يعتبره الإنهزاميون حلاً وحيداً يخلصهم من المأزق الذي وقعوا فيه ألا وهو الانتحار!

والوضع الاجتماعي للشخص له أوجه عديدة :

فهو إما أن يكون شاباً أعزباً – أو متزوجاً ولم ينجب – أو متزوجاً وله عدة أولاد – مطلقاً وليس له أطفال – أو مطلقاً وعنده أطفال – أو أرمل ثم تزوج – أو متزوج بأكثر من زوجه وله أولاد من واحدة أو أكثر من واحدة -
وكلما تعقد وضع الشخص وعجزت إمكاناته عن الصمود أمام المشكلات الحاصلة كلما كان أقرب إلى رفع الراية وخاصة إذا كانت مواصفاته سلبية في المجابهة والصمود!


وإلى اللقاء في قصاصة قادمة بإذن الله – دمتم لفنانكم الباحث في التربية وعلم النفس – فريد حسن


 

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *