أثر الانطواء والانبساط على ميول الانتحار وكيف تؤثر شخصيتك الاجتماعية على صحتك النفسية؟ - قصاصة رقم (12) في مشروع كتاب كيف ينتحرون للباحث في التربية وعلم النفس – فريد حسن

يستعرض المقال تعريف الانطواء ودرجاته، موضحاً أن الانطواء الشديد يمكن أن يصل إلى حد الرهاب، بينما الانطواء البسيط قد يقتصر على تقليل التفاعل الاجتماعي

أثر الانطواء والانبساط على ميول الانتحار وكيف تؤثر شخصيتك الاجتماعية على صحتك النفسية؟

سادساً : أثر كل من حالتي الانطواء أو الانبساط :

الانطواء هو الابتعاد عن التعامل مع الآخرين إلا عند الحاجات الضرورية القاهرة – وهو درجات حيث هناك انطواء يصل إلى حد الرهاب من الآخرين والخوف من التعامل معهم – وقد يكون بسيطا حيث يقلل صاحبه التعامل مع جميع الناس لكنه يقوم بزيارة الأقرباء والأصدقاء في زيارات عند مناسبات الحزن والفرح.

و الشخص المنطوي السلبي المقلل في التعامل الفعّال :

هذا الشخص يكون تربة صالحة للانتحار وخاصة إذا كانت أسرته صغيره أو كان وحيداً في سكنه حيث تتفاقم المشاكل التي تعترضه وتتضاعف في لحظات الانزواء نهاراً وتتضاعف ليلاً (لتكون الحبة قبة ) كما يقوا المثل السوري - وتتضاعف المشاكل كما تفعل كرة الثلج عندما تتدحرج – بينما يكون دور التفاعل الاجتماعي والالتقاء بالآخرين والإفصاح لهم بهمومه - كدور الشمس التي تذيب الثلج - فينسى المهموم أو الحزين أو الخائف ينسون همومهم وحزنهم وخوفهم!

وتتضاعف وتزيد فرص الانتحار عند المنطوي السلبي عند إصابته باكتئاب مؤقت يستمر فترة ثم يصبح دائما – ويتزايد الوضع خطورة عندما يكون الانطواء نفسه قد حصل بسبب أحداث كان لها وقع سلبي في نفس ذلك الشخص في فترات زمنية قريبة أو مزمنة – وتتفاعل هذه المكونات المتداخلة الموجودة في حياة هذا الشخص لتدفعه الى الدخول في فكرة التخلص من حياته باعتبارها المخلص الوحيد لما يعانيه هذا الإنسان من آلام استمرت طويلا حتى وصل صاحبها إلى خط اللا رجعة وإلى حافة الهاوية المطلة على بحر النهاية الذي سيخلِّصُه وينهي له كل مشاعر الألم والحزن والقلق والخوف من المستقبل الذي يجده الشخص المنطوي والمكتئب قاتما يزداد قتامة وسوءا يوما بعد يوم!

أما المنطوي البسيط الإيجابي:

فهو أكثر بعدا عن المشاكل فهو يضمن لنفسه البعد عن المشاكل كونه يقلل من التعامل مع الآخرين - مما يقلل من ارتكابه للأخطاء فمن يتحدث كثيرا يخطئ كثيرا ومن يعمل كثيرا يرتكب أخطاءً أكثر!

أما الشخص المنبسط فهو أكثر أمانا في الحالات العادية وذلك لعدة أسباب :

أولها : أن وجود الإنسان مع أشخاص آخرين ينسيه آلامه فكما يفعل الزمن في تصغير الحزن والمشاكل – فإن وجود الشخص مع أشخاص آخرين يقومون بإلهائه عن مصائبه وآلامه وأحزانه.

ثانيها : إن وجود أحبة وأصدقاء وأقرباء يفسح المجال للكثيرين منهم لشرح أسباب معاناة الشخص وسبل معالجتها – وإفهامه أن معاناته لا تشكل أية خطورة على واقع الشخص ولا على مستقبله!

ثالثها : إن الشخص المنبسط يشارك الآخرين أفراحهم حيث تغسل الأفراح نفس الشخص وتشعره بقوة وسلامة شخصيته – وعندما يشارك بعض الناس الآخر مشاكلهم وأحزانه يشعره بأنه ليس الوحيد في العالم الذي يحصل له ما حصل معه – ويتعرف على الطرق التي استخدموا في صمودهم تجاه أزماتهم .

رابعا : انبساط الشخص وتعامله مع كل أفراد المجتمع يجعله يصادف بين هؤلاء مختصين في حل كثير من مشاكله من اختصاصيين في مجال أزمته - وأطباء ومعالجين يرشدون إلى سبل التخلص من مسببات أزمته!

وهكذا يكون احتمال انتحار الانبساطي أقل حدوثا في المعدل الوسطي – وإن حدث الانتحار مع الانبساطي فإنه يكون في حالات استثنائية عندما يفاجأ الشخص بخسارات مادية كبيرة مفاجئة مدمرة – أو في حالات الخيانة والغدر من أشخاص عزيزين مقربين – أو وقوع مصائب فوق طاقة احتمال الشخص وهذه الحالات يجب أن ترافقها ظروف عصبية متعبة أو أخرى جسدية أو نفسيه تهيء التربة الصالحة لنمو وتضخم تلك الأزمات.

وبشكل عام وبإيجاز نستطيع أن نقول إن فطرة الإنسان هي كونه كائن اجتماعي – وكلما ساير الإنسان فطرته كلما كان سوياً وطبيعياً يتعامل مع الأمور بمقدار حجمها الطبيعي – وعندها لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

وكلما خالف الفطرة الإنسانية وانطوى أو انعزل كلما تضخمت المشاكل عنده لتصبح المشكلة مضروبة بأضعاف حقيقتها – ولتكون سببا كافيا من أسباب الانتحار!


وإلى قصاصة قادمة استودعكم الله – دمتم لفنانكم الباحث في التربية وعلم النفس – فريد حسن


 

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *